قصة نجاح سليمان الراجحي الملياردير الذي بدأ “حمال أمتعة”

يُقال : ليس من العيب ان يولد الانسان فقيراً، ولكن من العيب أن يموت فقيراً. وسليمان الراجحي يضرب مثالا رائعاً على هذا القول !

ولد سليمان في احدى مدن منقطة القصيم السعودية، تسمى ” البكيرية ” ، لأسرة سعودية شديدة البساطة انتقلت لتوها الى مدينة الرياض بهدف البحث عن الرزق.

في تلك الفترة لم يكن هناك ثورة نفطية في الخليج ، وعلى الرغم من انه واخوته ذهبوا الى المدرسة، الا ان سليمان لم يكمل تعليمه مثل اخوته رغبة منه في ذلك، وبهدف ان يعمل في التجارة في سن مبكرة.

بدايات متواضعة

بدأ سليمان رحلته في التجارة وهو ابن عشر سنوات، كانت البداية هو انه كان يذهب لشراء بعض الكيروسين ويبيعه. بدأ الصبي يكتسب بعض الخبرات في التجارة ويفهم المعاملات الحسابية وهامش الربح ومتطلبات السوق ، ثم تحول الى وظيفة اخرى ، حيث عمل كحمّال أمتعة وحقائب للفنادق والجلسات والاشخاص.

لاحقاً، عمل سليمان في جمع البلح لأصحاب مزارع النخيل مقابل أجر زهيد. ثم ذهب للعمل كنّاساً وحارساً للأمن ، وحمال للحقائب والبضائع ، ثم عمل كعامل بناء.

حتى كان افتتاح اول مركز صغير له لاستبدال الصرافة في العام 1957 ، واطلق عليه اسم عائلته ، بعد أن أشرك معه اخوته.

مصرف ” الراجحي ” ، لصاحبه سليمان الراجحي.

نعرف جميعاً هذا الاسم الآن كواحد من اهم المصارف السعودية واضخمها على الاطلاق.

الامبراطورية

بدأ المصرف البسيط في الازدهار،  وبقدوم العام 1970 ، استقل سليمان عن اخوته مفتتحا شركته الخاصة لتبادل العملات ، والتي تحولت الى  سلسلة فروع. ثم تحولت الفروع الى سلسلة كبيرة من المؤسسات التجارية المختلفة، حتى جاء العام 1978 مع قرار عام لتحويل المصرف بكل الافرع والمؤسسات التابعة له الى علامة تجارية واحدة بإسم ( شركة الراجحي المصرفية للتجارة ) والتي تحولت الى شركة مساهمة سعودية قابضة.

نمى المصرف سريعاً ليلعب دوراً اقليمياً واسعاً في وضع اسس مصرفية حديثة متفقة مع الشريعة الاسلامية، ليتحول الى واحد من اهم واضخم المصارف السعودية بنهاية القرن العشرين، والتي تمتد على مستويات عالمية واسعة.

اليوم يملك مصرف الراجحي اصولاً تتجاوز الـ 250 مليار ريال ، ويعمل في فروعه المنتشرة حول العالم اكثر من 15 ألف موظف ، وشبكة ضخمة تضم مئات الفروع وقاعدة عملاء ضخمة، وتعمل في كافة المجالات والمعاملات العالمية، ويعتبر من اكثر العلامات التجارية نشاطاً في عالم المعاملات المالية والبنكية حول العالم.

سليمان الراجحي

أما سليمان الراجحي، رجل الاعمال السعودي الذي بدأ حياته كبائع للكيروسين وحمّال للأمتعة، والذي يبلغ اليوم – حتى لحظة كتابة هذه السطور – الخامسة والتسعين من عمره، وتقدر ثروته بحوالي 6 مليارات دولار ، فقد أعلن عن التبرع بجزء كبير من ثروته كوقف خيري ، وتفرغ لبناء الاوقاف والمؤسسات الخيرية ، وعلى رأسها مؤسسة الراجحي الخيرية.

كانت بداية الراجحي ابعد ما يكون عن الثراء، ولم يكمل تعليمه ، ولم يكن صديقاً لأثرياء ولا أمراء ، ولم يعش في ظروف اقتصادية مميزة مثل التي يعيشها الملايين الآن في الخليج. ومع ذلك، استطاع ان يصل الى هرم الثروة والنجاح التي أفادت الاعمال الخيرية حول العالم.

يقول سليمان مؤرخاً لتلك الفترة : لم أكن اتناول الافطار ، كنت طوال الوقت متاحاً للعمل كحمّال لحقائب الناس واغراضهم ، ولم اكن ارتدي سوى ثوب واحد ، أغسله يومياً وانتظر حتى يجفّ واعيد ارتداءه.

ثم ، ومع بلوغه لسن المراهقة، قرر سليمان أن يعمل في وظيفة جديدة، حيث عمل طباخاً في احدى المؤسسات التابعة للحكومة. استمر فترة في مطبخ هذه المؤسسة، ولكنه لم يستمر فترة طويلة، حيث كان كل ما جمعه الشاب المكافح في تلك الفترة هو مبلغ زهيد ، ولكنه كافٍ لبدء شيء ما.

فلنبدأ شيئاً ما

ببعض الامكانيات البسيطة، جمع سليمان بعض المال وبدأ محلاً صغيراً للبقالة في إحدى ضواحي القصيم. بدأ سليمان تجارته بشكل حر، وتنامت أرباحه مع زيادة البضائع التي يبيعها للجمهور، الى أن لفت نظره تنامى قدوم الحجاج الى مكة وزيادة أعدادهم مع المشاريع التنموية الكبيرة التي تجريها المملكة لخدمة طرق الحجاج التي بدأت في تلك الفترة.

هنا، قرر سليمان، وبعد 5 سنوات من العمل في محل بقالته الخاص ، أن يعمل في مجال الصيرفة، فكان يبيع ويشتري العملات من الحجاج والمعتمرين.

في نهاية الخمسينيات، لفت نظره حجم الارباح التي يحققها، والاقبال الواسع من الحجاج على استبدال العملات عن طريق الصيرفة، فقرر التفرغ لهذا المجال والتوسع في أعماله، والعمل على تأسيس أول مصرف لاستبدال العملات بشكل رسمي ومنتظم.